إسرائيل.. أزمة «تجنيد الحريديم» تفجّر خلافات حادة بين الجيش والحكومة

0
9

تعمّقت الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية والمؤسسة العسكرية مع تصاعد أزمة تجنيد اليهود المتشددين (الحريديم)، في وقت تواجه فيه إسرائيل نقصًا حادًا في القوى البشرية داخل الجيش وتحديات مالية متزايدة، وصادق الوزراء خلال جلسة الحكومة على حزمة مساعدات إضافية لموظفي الخدمة الدائمة والإلزامية، بينما تمسكت وزارة المالية بخطط تقشفية لتقليص الإنفاق، ما فجّر توتراً واسعاً بين الجيش والوزراء.

وحذر الجيش الإسرائيلي من أن توقيت إجراءات المالية “حرج للغاية” في ظل انتهاء الحرب، مؤكداً أنه لن يسمح بالمساس بشروط الخدمة الدائمة، ومشدداً على أن “من خدم في غزة أو لبنان لعامين ليس من ينهب الخزينة العامة”.

وأعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في افتتاح الجلسة أن حكومته تقدم “صندوق دعم ومنح وحوافز ومزايا إسكان” للجنود، وأعلن عن “يوم وطني لتقدير موظفي الجيش” تقديراً لتضحياتهم خلال العامين الماضيين.

وأوضح الجيش أنه عمل منذ نحو عشرة أشهر على خطة الدعم ضمن مشروع “شجرة الحقل”، الذي يتضمن حلول إسكان ومساعدات أكاديمية ورقمية، لكنه اتهم وزارة المالية بممارسة “خداع سياسي”، قائلاً إن “بيد يعطون وباليد الأخرى يأخذون”.

ويتصاعد الخلاف حول قانون الإعفاء من التجنيد الخاص بالحريديم، الذي يسعى نتنياهو لتمريره بسرعة قبل الانتخابات المقبلة لتفادي تأثيره السياسي، إذ أكد الجيش حاجته إلى “تجنيد أكبر عدد ممكن من الحريديم”، مشيراً إلى أن نحو 3000 شاب متشدد التحقوا بالخدمة منذ يونيو الماضي “رغم الصعوبات”.

وتكشف الأرقام عن أزمة أعمق، حيث قال العميد شاي طييب إن “الجيش بحاجة إلى 12 ألف جندي إضافي، بينهم نحو 7000 مقاتل”، محذراً من “نقص خطير في القوة البشرية الأساسية اعتباراً من يناير 2027”، داعياً إلى تمديد الخدمة العسكرية إلى 36 شهراً وزيادة أيام الاحتياط إلى 70 يوماً سنوياً.

وناقشت اللجنة البرلمانية المختصة ضعف آلية اعتقال المتخلفين عن الخدمة، حيث أوضح العقيد موني عمار أن الشرطة العسكرية تنفذ “بين 500 و600 اعتقال فقط سنوياً”، مشيراً إلى أن “عدد المتخلفين سيصل العام المقبل إلى 17 ألفاً”.

وتزامن ذلك مع مشادات سياسية حادة داخل الحكومة حول تمويل المزايا المخصصة لجنود الاحتياط، إذ رفض وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزراء آخرون من “الليكود” مقترحات وزارة المالية بإلغاء “اتفاقية دوكلر” التي تمنح إعفاءات ضريبية لمقاتلي الجيش والشرطة، محذرين من “الإضرار بآلاف المقاتلين وضباط الأمن”.

وتتفاقم الضغوط الاجتماعية على خلفية قضية الإعفاءات الممنوحة للحريديم، والتي تراها المحكمة العليا تمييزاً غير دستوري، إذ تهدد هذه الأزمة بتفكيك معادلة “تقاسم العبء” بين فئات المجتمع الإسرائيلي، في ظل ارتفاع نسبة الحريديم الذين يشكلون أكثر من 14% من السكان، مع معدلات تجنيد شبه معدومة.

وحذر محللون إسرائيليون من أن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى “تصادم مباشر بين الجيش والائتلاف الحاكم”، خاصة مع سعي نتنياهو إلى موازنة إرضاء الحريديم – الركيزة الأساسية لحكومته – وبين الحفاظ على انضباط المؤسسة العسكرية في وقت تعيش فيه إسرائيل حالة استنزاف طويلة بعد الحرب.

وتعتبر الدوائر الأمنية أن الأزمة الحالية “ليست مالية أو قانونية فقط، بل أزمة وجودية تمس مفهوم الخدمة ذاته”، وسط مخاوف من أن يؤدي النقص في المجندين إلى إضعاف الجاهزية العسكرية خلال السنوات المقبلة.

The post إسرائيل.. أزمة «تجنيد الحريديم» تفجّر خلافات حادة بين الجيش والحكومة appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.