Site icon bnlibya

«الخط الأصفر» يبتلع غزة.. واشنطن تدفع نحو المرحلة الثانية من الاتفاق

تحوّل ما يُعرف بالخط الأصفر من توصيف عسكري إجرائي إلى ملف سياسي وقانوني وإنساني معقّد، بعدما بات يشكّل أحد أبرز نقاط الخلاف في مسار وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط تقديرات تشير إلى أنه يطال أكثر من نصف مساحة القطاع، ويعيد رسم معادلة السيطرة والحدود على الأرض.

وأفادت تقارير متقاطعة لوكالات دولية، بينها رويترز والأسوشيتد برس، بأن الخط الأصفر ونطاقاته الأمنية يغطيان ما بين 52 و58 في المئة من مساحة قطاع غزة، وفق آلية القياس المعتمدة، سواء بخط التمركز نفسه أو بالمناطق العملياتية المحيطة به.

ويُستخدم مصطلح الخط الأصفر للدلالة على خط تموضع وانسحاب عسكري إسرائيلي أولي، جرى طرحه ضمن المرحلة الأولى من خطة وقف إطلاق النار متعددة المراحل، باعتباره إجراءً مرحليًا يهدف إلى الفصل بين القوات، ويفترض أن يسبق انسحابات أوسع وترتيبات سياسية وإدارية لاحقة تشمل الحكم المحلي وإعادة الإعمار بإشراف دولي.

ووفق المصادر ذاتها، يمتد الخط عبر مناطق عالية الكثافة السكانية، من بيت حانون وبيت لاهيا شمالًا، مرورًا بمحاور في خان يونس، وصولًا إلى مساحات واسعة من رفح جنوبًا، فيما يتراوح عمق نطاقاته الأمنية بين كيلومترين وسبعة كيلومترات داخل القطاع، ما يوسّع فعليًا مساحة المناطق الخاضعة للقيود العسكرية.

وأثارت تصريحات عسكرية إسرائيلية لاحقة جدلًا واسعًا، بعدما أعادت توصيف الخط على أنه حد دفاعي جديد، في تحول لافت عن طابعه المرحلي المعلن سابقًا، وهو ما اعتبرته صحف دولية، بينها الغارديان، مسارًا يهدف إلى تثبيت واقع ميداني دائم بدل التمهيد لانسحاب تدريجي.

ولا تقتصر تداعيات الخط الأصفر على البعد العسكري، إذ ينعكس بشكل مباشر على الواقع الإنساني والاقتصادي، حيث تُصنَّف المناطق الواقعة خلفه كمناطق عمليات أو منع وصول، مع قيود مشددة على حركة المدنيين وعودة السكان ودخول المساعدات، ما يعرقل جهود إعادة الإعمار ويضاعف الضغوط المعيشية على أكثر من مليوني نسمة داخل القطاع.

وعلى الصعيد السياسي، ترى أطراف عربية أن تثبيت الخط يتعارض مع جوهر المرحلة الثانية من خطة وقف إطلاق النار، القائمة على الانسحاب وفتح أفق الإعمار، محذّرة من أن القبول بوجود عسكري دائم داخل نحو نصف مساحة غزة يرسّخ ضمًا بحكم الأمر الواقع، ويفتح الباب أمام تغييرات ديموغرافية غير مباشرة عبر الضغط الاقتصادي المستمر.

وفي السياق ذاته، عبّرت الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية عن قلقها من غموض الخط وحدوده، مؤكدة أن تحويله إلى واقع دائم يقوّض حماية المدنيين، ويضعف فرص التوصل إلى تسوية سياسية قابلة للاستمرار، ويحوّل الترتيبات الأمنية إلى عامل تفجير دائم للأزمة.

واشنطن تدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق غزة

أبلغ المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف الوسطاء بأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة ستبدأ خلال شهر يناير المقبل، وفق ما نقلته القناة 13 الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى.

وجاء هذا التطور قبل أيام من الاجتماع المرتقب بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مدينة ميامي، حيث من المنتظر أن يناقش الطرفان تطورات الأوضاع في قطاع غزة ومسار تنفيذ مراحل الاتفاق.

وأشارت القناة إلى أن إسرائيل تبدي مخاوف من ضغوط يمارسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للدفع نحو الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق دون تحقيق أهداف إسرائيلية أساسية، وفي مقدمتها نزع سلاح حركة حماس واستعادة جثة آخر رهينة محتجزة.

وفي تصريحات أدلى بها السبت عقب محادثات جمعته بممثلين عن مصر وقطر وتركيا في ميامي، قال المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إن المرحلة الأولى من الاتفاق حققت تقدمًا ملحوظًا، وشمل ذلك توسيع نطاق المساعدات الإنسانية وعودة الرهائن وتنفيذ انسحاب جزئي للقوات وخفض حدة الأعمال العدائية.

وأوضح ويتكوف أن المناقشات المتعلقة بالمرحلة الثانية ركزت على ضرورة إنشاء هيئة حكم في قطاع غزة تحت سلطة موحدة، بهدف حماية المدنيين والحفاظ على النظام العام.

وأضاف أن المحادثات تناولت دعم إنشاء مجلس السلام وتفعيله خلال المدى القريب، باعتباره آلية حكم تتجاوز مسارات إعادة الإعمار المدنية والأمنية والتأهيلية، كما جرى استعراض الخطوات التالية لتنفيذ مراحل خطة السلام الشاملة لغزة، مع التأكيد على أهمية الاستمرارية والتنسيق والرصد الفعال بالتعاون مع المؤسسات المحلية والشركاء الدوليين.

وأكد المبعوث الأمريكي التزام واشنطن الكامل بخطة السلام التي وضعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمكونة من 20 بندًا، داعيًا جميع الأطراف إلى الالتزام بتعهداتها وضبط النفس والتعاون مع آليات الرصد، مشيرًا إلى استمرار المشاورات خلال الأسابيع المقبلة لدفع تنفيذ المرحلة الثانية.

وفي المقابل، تواصل إسرائيل ربط الانتقال إلى المرحلة الثانية بتسليم جثة الرهينة الأخيرة المحتجزة لدى حركة حماس.

وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه إسرائيل وحركة حماس برعاية أمريكية، ودخل حيز التنفيذ في 10 اكتوبر الماضي، سلمت حركة حماس 20 رهينة أحياء، إضافة إلى رفات 27 رهينة من أصل 28، فيما تمثل إعادة رفات الرهينة ران جفيلي استكمالًا للمرحلة الأولى من خطة ترامب.

The post «الخط الأصفر» يبتلع غزة.. واشنطن تدفع نحو المرحلة الثانية من الاتفاق appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.