Site icon bnlibya

السعودية تُدخل «ثاد» الخدمة.. أقوى درع صاروخي أمريكي في قلب العالم العربي

أعلنت وزارة الدفاع السعودية عن تدشين أول سرية تشغيلية لمنظومة الدفاع الجوي الصاروخي الأمريكية “ثاد” (THAAD)، وذلك بعد اجتياز النظام جميع مراحل الفحص والاختبار الميداني وبرامج التدريب المكثف داخل أراضي المملكة، ويعد هذا التطور نقلة نوعية في قدرات المملكة الدفاعية ضمن خطة شاملة لتحديث منظوماتها الجوية وتوطين الصناعات العسكرية.

وجاء في بيان رسمي لوزارة الدفاع: “قوات الدفاع الجوي تدشن أول سرية من نظام الدفاع الجوي الصاروخي ‘الثاد’ بعد استكمال اختبار وفحص وتشغيل منظوماتها، وتنفيذ التدريب الجماعي الميداني لمنسوبيها داخل أراضي المملكة.”

صفقة دفاعية استراتيجية

تعود خلفية المشروع إلى عام 2017، حين وقّعت المملكة العربية السعودية اتفاقية دفاعية كبرى مع الولايات المتحدة الأمريكية لشراء سبع بطاريات من منظومة “ثاد”، تشمل 44 منصة إطلاق، و360 صاروخاً اعتراضياً، وسبعة رادارات متطورة من طراز AN/TPY-2، بقيمة إجمالية بلغت نحو 15 مليار دولار.

وتمثل هذه الصفقة واحدة من أضخم اتفاقيات التسلح بين البلدين، وجاءت ضمن جهود المملكة لتعزيز قدراتها الدفاعية الجوية في مواجهة التهديدات الإقليمية، خاصة في ظل تنامي تحديات الأمن الصاروخي في منطقة الخليج.

التوطين والتدريب.. من الاستيراد إلى التشغيل الذاتي

نص الاتفاق الدفاعي على أن يتم تصنيع جزء من مكونات المنظومة داخل السعودية، في خطوة منسجمة مع رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى توطين أكثر من 50% من الإنفاق العسكري بحلول نهاية العقد، وتسلمت الرياض أولى مكونات “ثاد” في عام 2023، لتبدأ بعدها سلسلة من برامج التدريب والتأهيل المتقدمة للكوادر السعودية.

وخضعت الفرق التشغيلية السعودية لتدريبات ميدانية وجماعية مكثفة على الأراضي السعودية، بإشراف مشترك بين خبراء أمريكيين ومختصين من وزارة الدفاع السعودية، ما يعكس الجدية في بناء قدرات محلية قادرة على إدارة وتشغيل منظومات دفاعية متقدمة دون الاعتماد المباشر على الأطقم الأجنبية.

أبعاد استراتيجية.. الدفاع الجوي كركيزة للأمن الإقليمي

يأتي تدشين أول سرية تشغيلية لمنظومة “ثاد” في توقيت حساس إقليمياً، حيث تسعى السعودية إلى تعزيز منظومة دفاعها الجوي المتكاملة في ظل التهديدات المستمرة من الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، ويمثل “ثاد” مكوناً رئيسياً في شبكة الدفاع الجوي متعددة الطبقات التي تعمل المملكة على تطويرها، وتشمل أيضاً منظومات “باتريوت” و”سكاي جارد” وغيرها.

وتعتمد منظومة “ثاد” على تكنولوجيا الاعتراض “خارج الغلاف الجوي”، مما يمنحها قدرة على التصدي للصواريخ الباليستية طويلة ومتوسطة المدى بدقة عالية، ويعزز ذلك من فعالية الدفاع السعودي في العمق، سواء لحماية المدن الحيوية أو المنشآت الاستراتيجية.

التحولات الدفاعية في سياق إقليمي متغير

تتزامن هذه الخطوة مع تحركات دبلوماسية وأمنية مكثفة تقودها الرياض لإعادة ترتيب أولويات الأمن الإقليمي، بما في ذلك الحوار مع إيران واستئناف العلاقات مع عدد من الدول العربية والآسيوية، ويُنظر إلى التطور في قدرات المملكة الدفاعية، خاصة في المجال الصاروخي، باعتباره رسالة واضحة تؤكد التزام الرياض بحماية أراضيها ومصالحها الحيوية، مع المضي في سياسة تنويع الشراكات الدفاعية والتقنية.

يذكر أن منظومة “ثاد” للدفاع الجوي، وهي اختصار لعبارة Terminal High Altitude Area Defense، تُعد واحدة من أكثر الأنظمة الصاروخية تطورًا في العالم، وقد طورتها شركة “لوكهيد مارتن” الأمريكية لحماية الدول من التهديدات الباليستية المتوسطة والقصيرة المدى، وتعتمد المنظومة على تقنية الاعتراض الصاروخي في الطبقات العليا من الغلاف الجوي، وتعمل وفق مبدأ الصدم المباشر، حيث يصيب الصاروخ المعترض الهدف بدقة عالية دون الحاجة إلى رأس حربي متفجر، ما يقلل من المخاطر المصاحبة لتفجير الصواريخ في الأجواء القريبة من المناطق السكنية أو الحيوية.

وتتكون المنظومة من عدة مكونات متكاملة، أبرزها صواريخ الاعتراض ومنصات الإطلاق المتنقلة، إلى جانب نظام راداري فائق الدقة من طراز AN/TPY-2، القادر على رصد وتتبع التهديدات الباليستية من مسافات تتجاوز الألف كيلومتر، مع مركز قيادة وتحكم يربط البيانات الواردة ويوجه العمليات تلقائيًا، وتُصنّف “ثاد” باعتبارها منظومة دفاع على ارتفاعات عالية، ما يجعلها جزءاً مهماً في منظومات الدفاع الصاروخي متعددة الطبقات التي تدمج بين أنظمة مثل باتريوت وآيجيس.

وتتميز “ثاد” بسرعة استجابتها وقدرتها على التعامل مع تهديدات متعددة في آن واحد، وهي قادرة على تغطية نطاقات واسعة سواء من داخل الدولة أو على أطرافها الحدودية، وتُستخدم اليوم في عدد من الدول الحليفة للولايات المتحدة، منها كوريا الجنوبية والإمارات، وأصبحت السعودية أحدث مشغّل فعلي لها ضمن خطة واسعة النطاق لتحديث بنية الدفاع الجوي للمملكة وتوطين جزء من تقنياتها ضمن رؤية السعودية 2030.

The post السعودية تُدخل «ثاد» الخدمة.. أقوى درع صاروخي أمريكي في قلب العالم العربي appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.