منذ أن تم غرس الكيان الغريب في ارض فلسطين عام 1948م وجهاز الموساد بالتعاون مع بعض أجهزة الاستخبارات الغربية يعملون ليل نهار من اجل تكريس واقع ما يسمى بدولة “إسرائيل” وطمس هوية فلسطين ومحوّها، وفي سبيل ذلك حيكت وتحاك المؤامرات باستمرار، وتعمل الأجهزة الاستخباراتية على وضع الخطط الكفيلة بتحقيق أهدافها، مستثمرة في ذلك كل فرصة تتاح، وعادة ما تركز على الجانب العاطفي في النفسية العربية لتستطيع من خلاله تمرير مؤامراتها ودسائسها مستندة على التحفيز الداخلي في العقل العربي الذي توفره حالة العداء المستحكمة للكيان الدخيل.
وعندما نستذكر ما وقع في 7 أكتوبر عام 2023 م يبرز التساؤل المشروع وهو: لماذا جلب رجال المقاومة معهم النساء والأطفال والشيوخ بالرغم من تمكنهم من أسر ما يقارب 50 عنصرا بين عسكري ومجند إسرائيلي؟! لقد كان بإمكان المقاومة تجنب اسر النساء والأطفال والشيوخ واكتفائها بالعسكريين والمجندين فقط ، حتى تكسب تعاطف العالم كله واعتبار أن ما قامت به هو عمل نضالي بطولي، وكان بإمكانها مبادلتهم بكل المعتقلين لدى الكيان، قياسا على حالة الجندي شاليط الذي تم استبداله بحوالي 1000 معتقل فلسطيني آنذاك.
لكن للأسف اسر واعتقال نساء وأطفال وشيوخ أثار حفيظة العالم واستهجانه، وهو ما خطّط له الموساد في غفلة من المقاومة التي اندفعت بشكل عاطفي ربما من بعض أفرادها، فاستثمرته إسرائيل حيث حشدت تعاطفا دوليا كبيرا معها، وعلى الفور تم تصنيف ذلك بالعمل الإرهابي وأن حماس حركة إرهابية!، إن خيوط المؤامرة بدأت تظهر مع أول خطاب لنتنياهو ردا على عملية “طوفان الأقصى” حين قال: “أن معركتنا مع حماس الآن معركة وجوديّة قد تحتاج لعامين كاملين” وهو ما حدث فعلا فها هي الحرب استغرقت عامين، ثم لعبوا بعقولنا ليوهمونا بأن ترامب هو صاحب مبادرة وقف الحرب، ليكون ما حدث هو مجرد استثمار إعلامي متّفق عليه لصالح ترامب دوليا.
اليوم بعد انقضاء عامين يمكننا القول إن ما حدث كان مؤامرة وخديعة صهيونية كبرى، استطاعت الموساد من خلالها أن تستدرج حماس والمقاومة لإيجاد مبرر للاجتياح الهمجي الشامل لشريط غزة، إذ من غير المنطقي أن يتم ذلك الاختراق الكبير من قبل أفراد المقاومة بأسلحة خفيفة لتحصينات المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية المتطورة جدا، ليتمكنوا بهذه السهولة من الدخول ويعودوا يحملون معهم أكثر من 500 رهينة بين عسكريين ومدنيين!.
إن ما حدث يمكن تصنيفه في خانة “الاختراق بالاستدراج” وهو أن تبحث عن المتحفزين المغامرين من الخصم وتستدرجهم – دون أن يعلموا – بتسهيلات محددة للقيام بعملية مسلحة في عمق أرضك لتقوم فيما بعد برد فعل ضخم تحقق من خلاله أهدافا استراتيجية مخططة مسبقا، لقد كان الهدف الإستراتيجي الرئيسي لذلك هو قطع كل مصادر الدعم والتمويل العسكري والمالي للمقاومة في غزة والضفة وبالتالي إنهاء قطعي للمقاومة وإخراجها من المشهد، بما يحقق الاستقرار الدائم لإسرائيل.
لقد تمكنت إسرائيل بهذه العملية خلال عامين كاملين من تحقيق كل أهدافها الإستراتيجية والتي من بينها:
تدمير كامل للبنية العسكرية للمقاومة داخل غزة والضفة بما في ذلك الأنفاق ثم ضمان خروج المقاومين من المشهد من خلال خطة دولية تستهدف تسليم سلاح المقاومة وفقا لاتفاق السلام الذي وقع في شرم الشيخ
تدمير غزة وتشريد أهلها وجعلها غير قابلة لعودة فيها، ليتم فيما بعد تفريغها من مواطنيها من خلال تهجير طوعي تدريجي محفز نتيجة صعوبة العيش فيها
القضاء النهائي على مصادر الدعم العسكري للمقاومة حيث تم فعلا تحييد حزب الله وتقزيمه والقضاء على مصادر التهديد في اليمن وسوريا والعراق
القضاء على البرنامج النووي الإيراني بتنسيق أمريكي بهجمات مركزة استهدفت المنشآت النووية، لتكون المرحلة الموالية جر إيران إلى التطبيع مقابل صفقة معدة بالخصوص
ضم الضفة الغربية والقضاء على حلم ما يسمى بحل الدولتين نهائيا وإلغاء الفكرة
المحصلة / إن ما حدث لا يعدو كونه مؤامرة مكتملة الأركان حبكت خيوطها بدقة وتخطيط وخديعة كبرى خدع فيها من خدع، فحققت من خلالها إسرائيل كل أهدافها وفقد فيها الفلسطينيون الكثير الكثير! إن تعاطف العالم مع أهل غزة نتيجة لعمليات الإبادة الجماعية التي كانت تحصل يوميا هو تعاطف شعبي سوف يتلاشى تدريجيا بمجرد وقف تلك الحرب الهمجية، ومع مرور الوقت سوف يخفت التأييد الشعبي مقابل الفعل الرسمي الذي تقوده أمريكا من أجل شرق أوسط جديد تم التخطيط له بعناية.
The post “حرب غزّة” المؤامرة والخديعة الكبرى appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.
