تصاعدت وتيرة المواجهات المسلحة في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور السودانية، حيث خلف قصف مدفعي استهدف سوق نيفاشا التابع لمعسكر أبو شوك، خمسة قتلى وعددًا من الجرحى، في تصعيد خطير ضمن المعارك الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وقالت صحيفة “سودان تربيون” إن القصف المدفعي نفذته قوات الدعم السريع التي صعدت هجماتها على الفاشر خلال الأسبوع الماضي، متحدية دعوات الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار من أجل إتاحة وصول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى السكان المدنيين المحاصرين، وأكدت مصادر محلية أن القصف أصاب السوق المكتظ بالمدنيين، ما زاد من حالة الرعب والمعاناة.
وكشفت مصادر عسكرية سودانية مطلعة أن رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أصدر توجيهات ببدء “معركة التحرير الكبرى” التي تهدف إلى استعادة السيطرة الكاملة على المواقع والمدن التي تستولي عليها قوات الدعم السريع.
وأكدت المصادر أن القيادة العامة للقوات المسلحة تسير نحو تنفيذ هذه العملية الشاملة التي تهدف إلى القضاء الكامل على التمرد واستعادة هيبة الدولة على كامل التراب الوطني دون استثناء.
وجاءت توجيهات البرهان بناءً على تقييم ميداني دقيق أعدته هيئة العمليات والاستخبارات بالقوات المسلحة، التي أكدت جاهزية الجيش لتنفيذ عمليات نوعية وسريعة في محاور استراتيجية، أبرزها ولايات كردفان ودارفور، اللتان تشهدان تصعيداً متزايداً في التوترات الأمنية.
وفي إطار دعم الأمن، دفعت رئاسة قوات الشرطة السودانية بمركبات جديدة لتعزيز الانتشار الشرطي وحفظ النظام في ولاية الخرطوم.
وتعاني مدينة الفاشر والنازحون فيها من أوضاع إنسانية كارثية، مع نقص حاد في الأدوية وغياب المراكز الصحية التي خرجت من الخدمة، إلى جانب توقف معظم المطابخ الجماعية التي كانت توفر الغذاء، ما ترك آلاف السكان في مواجهة مباشرة للجوع والمرض، خاصة مع تفشي وباء الكوليرا في المناطق المجاورة.
وفي ولاية شمال كردفان، تزايدت معاناة النازحين الذين فروا من مناطق النزاع، حيث تستقبل مدينة الأبيض آلاف الأسر الفارة من القرى المحاصرة والمعرضة لهجمات الدعم السريع، وسط تسجيل إصابات ووفيات بسبب الكوليرا، حسب تأكيدات مسؤول العون الإنساني بالولاية محمد إسماعيل.
ونقل إسماعيل عن السكان أن النزوح تم غالبًا سيرًا على الأقدام أو عبر الدواب، مع صعوبات كبيرة في تأمين المساعدات الإنسانية نظراً للحصار العسكري المفروض.
واندلعت الحرب في السودان في 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وتوسعت المواجهات في مناطق متعددة، مخلفة مئات القتلى وآلاف النازحين، وأثرت بشكل بالغ على الخدمات الصحية والغذائية، مما دفع المجتمع الدولي إلى إطلاق عدة مبادرات للوساطة ووقف القتال، لكنها لم تتمكن حتى الآن من إرساء هدنة دائمة.
وفي ظل هذا المشهد الدامي، يستمر المدنيون في الفاشر وشمال كردفان في معاناتهم اليومية، محاصرين بين نيران الحرب وندرة الغذاء والدواء، وسط تحذيرات من تفاقم الأزمة الإنسانية التي قد تتجاوز الحدود المحلية إلى كارثة إنسانية متجددة.
من الدفن الجماعي إلى المجاعة.. أرقام صادمة تكشف عمق المأساة في السودان
تتسع رقعة الأزمة الإنسانية في السودان مع استمرار الصراع الدموي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث تكشف الأرقام الأخيرة عن مأساة لا تُحتمل تعكس حجم الخسائر البشرية والمعاناة المتزايدة.
في ولاية الخرطوم، أفادت هيئة الطب العدلي بأنها نقلت ودفنت حوالي 3800 جثة تم انتشالها من الشوارع والمنازل والمؤسسات الحكومية منذ اندلاع الاشتباكات، وسط استمرار ورود بلاغات عن المزيد من الجثث التي لم تُنتشل بعد، ما يؤكد عمق المأساة الإنسانية التي خلفها الصراع.
على الأرض، تشهد العاصمة جهوداً مكثفة لإزالة آثار الدمار ورفع مخلفات الحرب، خاصة في المواصلات والمناطق الحيوية مثل موقف جاكسون، بمشاركة مؤسسات حكومية وهيئات إغاثية، تمهيداً لعودة الحياة إلى طبيعتها.
وفي شمال دارفور، تتفاقم الأزمة الإنسانية بشكل مأساوي مع ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية، إذ وصل سعر شوال الدخن إلى 1.6 مليون جنيه، وشوال السكر إلى 3.6 مليون جنيه، وسط نقص حاد في الإمدادات الغذائية والدوائية بسبب الحصار وإغلاق الطرق.
The post سوق الفاشر يتحول إلى مأساة.. 5 قتلى ونازحون يواجهون الجوع والكوليرا appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.