Site icon bnlibya

مصراتة والزنتان.. تبادل مواقع وفشل في قيام الدولة

المتتبع للشأن الليبي منذ 2011م لا يجهل بالطبع حقيقة أن المجموعات المسلحة في الغرب الليبي الأكثر قوة وتسليحا أثناء الانتفاضة وبعدها هي المجموعات المسلحة التي تتبع مصراتة والزنتان، وطبيعي بحكم ذلك الوضع أن تكون لهاتين القوتين المسلحتين سطوتهما بعد سقوط النظام، فبمجرد دخولهما العاصمة تسابقا على السيطرة على المواقع الإستراتيجية فيها مثل المطار والميناء وبعض المواقع العسكرية وغيرها من المرافق العامة من الوزارات والشركات والمؤسسات.

عامل القوة والتسليح لهاتين المجموعتين فرض نفسه في أول تشكيل لحكومة المجلس الانتقالي حيث تقاسما الزنتان ومصراتة حقيبتي الداخلية والدفاع، فكانت لمصراتة وزارة الداخلية وعلى رأسها فوزي عبد العالي، وللزنتان الدفاع وعلى رأسها أسامة جويلي، وبرغم أن التسابق في بداية الأمر كان سلميا وفق توافقات بين قيادتي المجموعتين واحتفاظ كل منهما بمواقعه وتمركزاته، إلا أن ذلك لم يدم طويلا فسرعان ما بدأت تظهر بينهما بوادر الخلافات والتصدّعات.

كان أكبر تلك الخلافات في عام 2014م، حين جرت حرب طاحنة بينهما سميت بحرب المطار أو “فجر ليبيا” حيث تمكّنت قوات مصراتة ومن يدعمها بالسيطرة على مطار طرابلس وطرد قوات الزنتان ومن يدعمها منه ومن طرابلس بأكملها، ولم يتمكن الزنتان من العودة لطرابلس إلا بعد حرب 2019م عندما عادت بعض فصائلهم المسلحة التي أعلنت انضمامها للقوات التي تحارب قوات حفتر.

حافظ الزنتان بعد الانقسام على بعض المواقع في الحكومتين شرقا وغربا، ولا يزالوا حتى الآن، بينما حاولت مصراتة عن طريق “فتحي باشاغا” لكنهم فشلوا في ذلك، ولهذا استمر تركيزهم على حكومات طرابلس وكان آخرها أن جيء بالدبيبة ذي الأصول المصراتية رئيسا لما يسمى حكومة الوحدة الوطنية، وفي عهده تم تبادل الأدوار بين الزنتان ومصراتة في حقيبتي الدفاع والداخلية حيث تولّت الزنتان حقيبة الداخلية وتولّت مصراتة حقيبة الدفاع.

المؤسف حقا هو أن هاتين القوتين المسيطرتين على الحكم في المنطقة الغربية بعد مضي 15 سنة لم يتمكنا من إعادة بناء الدولة، بل على العكس فشلتا فشلا ذريعا وساهمتا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في إطالة عمر الفوضى، الأمر الذي يستوجب أن يتمتعا بالشجاعة الكافية ويتأخرا خطوة للخلف، ليتركا الساحة الآن لغيرهم من الكفاءات الليبية من كل الليبيين ليبنوا دولتهم العصرية المنشودة كما ابتغوها مع بدء الانتفاضة.

ثمة بعض الحقائق التي يتجاهلها أو لا يدركها البعض في الوضع الليبي بعد 15 سنة من عمر الانتفاضة، وهي جديرة بالوقوف عندها وتفهمها: 
الحقيقة الأولى أن ليبيا بعد 2011م لم تكن في يوم ما دولة فهي مجرد كانتونات تحكمها مجموعات مسلحة بقوة السلاح، وأن الانقسام الذي حصل بعد 2014م كان نتاجا لتلك الفوضى وغياب الدولة، 
الحقيقة الثانية، أنه لا أمل في إنقاذ ليبيا وعودة هيبتها كدولة طالما الانقسام بين الشرق والغرب مستمرا، ولذلك فإن أولى أولويات العمل الوطني هي توحيد البلد وماعدا ذلك مجرد عبث وإهدار للجهد والمال
الحقيقة الثالثة أن المجموعات المسلحة التي كانت سببا في الانحراف بانتفاضة فبراير 2011م وخاصة في المنطقة الغربية من خلال استخدامهم للقبيلة أو المدينة كإطار للحكم لا يمكن أن يكونوا جزء من الحل بل هم استمرارا للمشكلة (مصراتة + الزنتان)
 الحقيقة الرابعة أن الفوضى المسلحة لا يمكن أن تُنهي نفسها بنفسها وأن الأمر يتطلب حسما مؤكدا لصالح طرف واحد لفرض السيطرة كما حدث في المنطقة الشرقية الحقيقة الخامسة أن ما يسمى بالمعارضة في الخارج والداخل كانت ذات توجهات دينية فأرادت أن تحكم البلد باسم الدين لكنها فشلت مما دفعها إلى انتهاج أسلوب استمرار الوضع الحالي ودعم بقائه ضمانا لمصالح فئوية لا علاقة لها ببناء دولة واستقرارها.

The post مصراتة والزنتان.. تبادل مواقع وفشل في قيام الدولة appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.