الهند تواجه الرسوم الأمريكية بتخفيض الضرائب.. والصين تدعو لتعميق الشراكة

0
22

أعلنت الهند عن خطة طموحة لتخفيضات واسعة في ضريبة السلع والخدمات، في خطوة تهدف إلى مواجهة آثار الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة، وتعزيز الاقتصاد المحلي.

وأكد رئيس الوزراء ناريندرا مودي أن هذه التخفيضات ستسهم في دعم المستهلكين والشركات الصغيرة، مع تقليص عدد فئات الضريبة من أربع إلى فئتين، في محاولة لتحفيز الاستهلاك ودعم القطاعات الحيوية.

وتأتي هذه الإجراءات على خلفية تهديد الرئيس دونالد ترامب بمضاعفة الرسوم الجمركية على الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة لتصل إلى 50% بحلول 27 أغسطس، معاقباً الهند على شراء النفط من روسيا، وتشكل هذه الرسوم تهديداً مباشراً لنحو 87 مليار دولار من صادرات الهند.

وتتوقع الهند أن تعزز التخفيضات الجديدة الاقتصاد دون المساس بالعجز المالي، وفق تقرير لوكالة “بلومبرغ”، وستستفيد مجموعة واسعة من القطاعات، بينما يُقدر تأثير التخفيض على الإيرادات الحكومية بـ 0.4% من الناتج المحلي الإجمالي، مع احتمال تحمّل الولايات عبئاً غير متناسب.

وتشير تقديرات بنك IDFC First Bank Ltd إلى أن انخفاض ضرائب الاستهلاك سيساعد على تعزيز النمو الاسمي بنسبة 0.6 نقطة مئوية، وتخفيض التضخم بنسبة 0.6-0.8 نقطة مئوية خلال 12 شهراً.

بدورها، قالت الخبيرة الاقتصادية مادهفي أرورا: “تبسيط هيكل ضريبة السلع والخدمات إصلاح مرحب به نحو تعزيز الاستهلاك المحلي، خاصة مع ارتفاع معدلات الضرائب في الهند”.

ورغم أن التغييرات في ضريبة السلع والخدمات كانت قيد النقاش منذ سنوات، إلا أن الإعلان عنها بمناسبة عيد الاستقلال فاجأ الكثيرين. وجاء الإعلان بعد يوم واحد من رفع وكالة S&P Global Ratings التصنيف السيادي للهند إلى BBB، لأول مرة منذ 18 عاماً.

وأكد مودي أن الاقتصاد بحاجة لأن يكون أكثر اعتماداً على الذات، خصوصاً في قطاعات الطاقة والمعادن والدفاع.

ووصفت الوكالة الأميركية تعريفات ترامب بأنها ستؤثر على الاقتصاد الهندي القائم على الاستهلاك، حيث يسهم الإنفاق المحلي بنسبة أكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي.

هيكل ضريبة السلع والخدمات الجديد

يتضمن الهيكل الضريبي الحالي أربع فئات: 5%، 12%، 18%، و28%. وستقلّ الفئات إلى اثنتين، مع انتقال معظم السلع من 12% و28% إلى 5% و18% على التوالي.

وتشير التقديرات إلى أن ثلثي الإيرادات تأتي من فئة 18%، مما يحد من أي ضرر مالي كبير.

وأوضح المحلل ماهش ناندوركار: “يمكن أن تنخفض ضريبة السلع على الإسمنت والدراجات النارية وأجهزة التكييف من 28% إلى 18%، ما سيخفف العبء عن المستهلكين ويعزز القدرة التنافسية”.

تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية على الصادرات

تواجه الهند “سيناريو كابوسياً” مع الرسوم الجمركية المتضاعفة، ما قد يهدد شركاتها التصديرية. وقال اشتياق أحمد خان، صانع سجاد في أوتار براديش: “الرسوم الجديدة تجعل استمرارنا مستحيلاً، ونخشى ارتفاع البطالة”، ويشكل قطاع السجاد اليدوي، الذي تُصدر منه 98% من الإنتاج، مثالاً واضحاً على التأثير الكبير للرسوم الأميركية.

كما يهدد الرسوم قطاع الأدوية الهندية، الذي يعتمد على السوق الأميركية لتوليد نصف إيراداته، وقطاع الأحجار الكريمة والمجوهرات، حيث تتعرض الصادرات الهندية لمنافسة شرسة من دول لم تُفرض عليها الرسوم.

هل تخفيضات الضرائب كافية؟

رغم أن الحكومة تأمل أن تشكل تخفيضات الضرائب “درعاً” ضد الرسوم الأميركية، إلا أن الواقع الاقتصادي يشير إلى محدودية هذا الحل.

وأوضح الخبير الدكتور عماد الدين المصبح أن تخفيضات الضرائب تحفز الطلب المحلي، لكنها لا تواجه الرسوم الجمركية الخارجية بشكل مباشر. وأكد أن المصدرين الهنود يعملون بهوامش ربح ضئيلة، مما يجعل من المستحيل امتصاص رسوم بنسبة 50%.

وأشار إلى أن البنوك والمصدرين يلجؤون إلى حلول عملية مثل تنويع الصادرات نحو الاتحاد الأوروبي وآسيان وأفريقيا، وتقديم دعم مالي مباشر من خلال تخفيض أسعار الفائدة وهياكل سداد مرنة.

بدوره، قال الخبير الدكتور محمد جميل الشبشيري: “تسعى الحكومة لتقوية الطلب المحلي لمواجهة ضغط الصادرات، التخفيضات الضريبية على السلع والخدمات لا تخفف العبء عن المستهلكين فحسب، بل تحفز الإنتاج المحلي وتزيد من تنافسية المنتجات الهندية عالميًا”.

لكن الواقع الرقمي والاعتماد الكبير على السوق الأميركية يفرض قيوداً على فعالية هذه الإجراءات. ففي قطاع المنسوجات، رفعت الرسوم تكلفة المنتجات بنسبة 30-35% مقارنة ببنغلاديش وفيتنام، ما أدى إلى تراجع الطلبيات الأميركية بنسبة تصل إلى 40%، وفي قطاع الأدوية والمجوهرات، قد تقلص الرسوم الأرباح بنسبة 5-10%، مع تعقيد المنافسة بشكل كبير.

وأكد الشبشيري أن الهند بحاجة إلى استراتيجيات أكثر شمولية، تشمل التنويع الجغرافي للصادرات وبناء علاقات تجارية جديدة لتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة.

وانغ يي يدعو لتعزيز الشراكة الصينية الهندية وتجاوز التنافس

أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي خلال لقائه نظيره الهندي سوبراهمانيام جيشانكار في نيودلهي أمس الاثنين، ضرورة تعزيز الشراكة بين الصين والهند بدلًا من التنافس بينهما.

وقال وانغ: “يجب على الصين والهند تطوير فهم استراتيجي صحيح والنظر إلى بعضهما كشركاء وفرص متاحة، وليس كخصوم أو تهديدات”.

وأضاف أن البلدين، باعتبارهما أكبر دولتين ناميتين بتعداد سكاني مشترك يتجاوز 2.8 مليار نسمة، يجب أن يكونا نموذجًا في تعزيز نظام دولي متعدد الأقطاب ونشر مبادئ الديمقراطية في العلاقات الدولية.

ودعا وانغ إلى تعزيز الثقة المتبادلة، وإزالة العقبات، وتوسيع مجالات التعاون المشترك لدفع عجلة تحسين العلاقات الثنائية.

وتأتي زيارة وانغ يي إلى نيودلهي ضمن جولة تستمر يومين، ومن المقرر أن يلتقي خلالها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ومستشار الأمن القومي أجيت دوفال.

The post الهند تواجه الرسوم الأمريكية بتخفيض الضرائب.. والصين تدعو لتعميق الشراكة appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.