في خطوة مفاجئة وصفتها الجزائر بـ«المتسرّعة والأحادية»، أخطرت المديرية العامة للتجارة بالمفوضية الأوروبية، في 16 يوليو، السلطات الجزائرية بقرارها طلب تشكيل هيئة تحكيم بموجب اتفاق الشراكة الموقَّع سنة 2002 (دخل حيّز التنفيذ 2005) بدعوى أنّ «قيوداً جزائرية على التجارة والاستثمار تُخلّ بأحكام الاتفاق».
ما الذي يُثير غضب بروكسل؟
تراخيص الاستيراد الانتقائية المفروضة منذ 2021 على منتجات أوروبية (منها السيارات، المعدات الكهرومنزلية ومواد غذائية).
قواعد إلزامية بالشراكة المحلية (51 % للمستثمر الجزائري) في قطاعات إستراتيجية، اعتبرتها المفوضية حاجزاً أمام الشركات الأوروبية.
قيود مصرفية على تحويل الأرباح بالعملة الصعبة.
هذه الإجراءات، وفق أرقام أوروبية، خفّضت واردات الجزائر من الاتحاد بنسبة ‑33 % بين 2015 و 2023، فيما ارتفعت صادرات الطاقة الجزائرية إلى أوروبا، ما وسّع الفائض التجاري لصالح الجزائر.
ردّ الجزائر: «انقطاع غير مبرَّر لمسار الحوار»
وزارة الخارجية الجزائرية أعربت، في بيان مساء الخميس، عن «الدهشة» لأنّ طلب التحكيم جاء بعد جلستين فقط من المشاورات في أقل من شهرين، مؤكدة أنّ «ستة من أصل ثمانية ملفات عُولجت فعلياً»، بينما قدّمت الجزائر «مقترحات عملية» في الملفين الباقيين ولم تتلقَّ رداً.
في رسالة رسمية إلى الممثّلة السامية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، قال الوزير أحمد عطّاف إن الخطوة «تتعارض مع المادتين 92 و 100 من الاتفاق» لأنّها تتجاوز مجلس الشراكة—الهيئة المخوَّلة حصراً بحسم الخلافات—والذي لم ينعقد منذ خمس سنوات رغم «طلباتنا المتكررة». وذكّر بأنّ الجزائر، بصفتها رئيساً دوريّاً للمجلس هذا العام، تدعو لعقد دورة عاجلة «لتقييم شامل ومتوازن» تضع حداً للاحتقان.
أبعاد اقتصادية وسياسية
الاتحاد الأوروبي يظل الزبون الأول للغاز الجزائري (نحو 60 % من صادراته في 2024، وتدفق أول شحنة LNG إلى أوروبا في أبريل 2025 أثار ارتياح الأسواق).
بروكسل تلوّح بالتحكيم سعياً إلى «استعادة حقوق المصدّرين الأوروبيين» وتوجيه إشارة ردع لدول شريكة أخرى تفكّر في فرض قيود مماثلة.
الجزائر ترى أنّ أوراقها الطاقية ــ خاصة في ظل ارتفاع الطلب الأوروبي بعيد أزمة أوكرانيا ــ تمنحها هامش مناورة للدفاع عن «سيادتها الاقتصادية» وتعديل قواعد اللعبة لصالح تنويع اقتصادها ومحاربة الاستيراد العشوائي.
المسار القانوني المقبل
تشكيل هيئة تحكيم ثلاثية خلال 30 يوماً (قاضٍ عن كل طرف ورئيس مستقل).
مذاكرة مكتوبة للطرفين، ثم جلسة علنية قد تُعقد في بروكسل أو الجزائر.
حكم غير قابل للاستئناف يُصدر خلال 150 يوماً؛ وإذا خالفت الجزائر الحكم قد يفرض الاتحاد «تدابير مضادة» مثل تعليق امتيازات جمركية محددة.
خيارات الجزائر لتخفيف التصعيد
إحياء مجلس الشراكة سريعاً لضمان قناة سياسية موازية للمسار القضائي.
اقتراح جدول زمني لإلغاء تدريجي لبعض القيود مع ربطه ببرامج إحلال الصناعة المحلية.
استثمار ورقة الطاقة عبر تعهّدات إمداد طويلة الأجل مقابل مرونة في قواعد المنشأ وتسهيلات ائتمانية أوروبية لمشاريع التحول الأخضر في الجزائر.
The post بعد لجوء بروكسل إلى التحكيم.. مواجهة تجارية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.