أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الجمعة الحوار السنوي المعروف باسم “نتائج العام”، الذي يتيح للمواطنين الروس طرح أسئلتهم مباشرة بشأن القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى ملفات السياسة الخارجية، في حدث تفاعلي يُعد أحد أبرز مظاهر التواصل المباشر بين القيادة الروسية والشعب منذ أكثر من عشرين عامًا. وقد تلقى البرنامج أكثر من مليوني سؤال من المواطنين، وتمت معالجتها إلكترونيًا لضمان تغطية جميع الاستفسارات.
وأشار بوتين إلى أن روسيا مستعدة وراغبة في إنهاء الصراع في أوكرانيا سلمياً، استناداً إلى المبادئ التي حددتها وزارة الخارجية الروسية منذ يونيو 2024، ومعالجة الأسباب الجذرية التي أدت إلى الأزمة. وأضاف أن القوات الروسية تتقدم على طول خط المواجهة، مشيراً إلى أن العدو يتراجع في جميع الاتجاهات، وأن المبادرة الاستراتيجية على الجبهة انتقلت بالكامل إلى القوات المسلحة الروسية بعد استعادة السيطرة على أراضي كورسك وكراسنوأرميسك. وذكر أن 15 كتيبة أوكرانية محاصرة في كوبيانسك، تضم حوالي 3500 عسكري، مع عدم وجود فرص للتراجع أو الاستسلام.
وأكد الرئيس أن العمليات الروسية تتقدم بسرعة نحو زابوروجيه، مع تحرير المناطق السكنية تدريجيًا، موضحًا أن القوات الروسية بصدد إنشاء مناطق أمنية في مقاطعتي سومي وخاركوف، وأن القوات الأوكرانية فقدت معظم احتياطياتها الاستراتيجية، ما قد يشجع نظام كييف على إنهاء الصراع سلمياً.
وفيما يتعلق بالاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، أوضح بوتين أن موسكو لم تعترف بهما في البداية، لكن بعد الخداع وعدم تنفيذ اتفاقيات مينسك، اضطرت روسيا لاستخدام القوة العسكرية، مؤكدًا أن الكرة الآن في ملعب خصوم روسيا الغربيين، وعلى رأسهم قادة نظام كييف وداعموهم الأوروبيون.
وأضاف أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يبذل جهوداً جادة وصادقة لإنهاء الصراع، وأن روسيا وافقت على مقترحات ترامب خلال اجتماعاته في أنكوريج.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أكد بوتين نمو الناتج المحلي الإجمالي الروسي بنسبة 1% خلال العام الحالي، و9.7% على مدى السنوات الثلاث الماضية، مع الحفاظ على معدل تضخم منخفض بلغ 5.7-5.8% بنهاية العام. ولفت إلى نمو الإنتاج الصناعي بنسبة 1% وقطاع التصنيع بنسبة 3.1%، إضافة إلى انخفاض معدل البطالة إلى 2.2%.
وأوضح أن الاحتياطيات الدولية للبنك المركزي الروسي بلغت 741.5 مليار دولار، بينما يبلغ الدين الحكومي نحو 17.7% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو من بين الأدنى مقارنة بالدول المتقدمة.
وأعلن بوتين أن أكثر من 400 ألف شخص وقعوا عقوداً مع القوات المسلحة الروسية خلال عام 2025، مؤكداً أن المتطوعين يأتون طواعية للدفاع عن مصالح الوطن والشعب، مع وجود اهتمام كبير بالخدمة في مجال الطائرات المسيّرة، ما دفع وزارة الدفاع لإطلاق مسابقة لاستيعاب الراغبين.
وأكد أن روسيا تسعى لتخفيض الخسائر العسكرية إلى الصفر وتدعم ثقافة ولغات شعوبها المتعددة، إضافة إلى تعزيز الوحدة الوطنية والقيم التقليدية المشتركة بين جميع شعوب الاتحاد الروسي.
وعلى الصعيد الدولي، حذر بوتين من محاولات الاستيلاء على الأصول الروسية المجمدة في أوروبا لصالح أوكرانيا، مؤكداً أن أي خطوات من هذا النوع تُعد بمثابة “سطو” يمكن أن تكون له تداعيات شديدة على النظام المالي العالمي، وأن روسيا ستدافع عن مصالحها القانونية في المحاكم الدولية، بما في ذلك ضمان استرداد هذه الأصول مستقبلاً.
وأبرز بوتين أن روسيا لا تعتبر نفسها مسؤولة عن سقوط الضحايا في النزاع الأوكراني، إذ أن الحرب بدأت بعد الانقلاب العسكري غير الدستوري في أوكرانيا عام 2014، وتفاقمت مع الأعمال العدائية لنظام كييف ضد مواطني جنوب شرق أوكرانيا.
وأضاف أن روسيا تؤكد رغبتها في العيش بسلام دون صراعات عسكرية بحلول عام 2026، وتسعى لحل جميع القضايا المتنازع عليها عبر المفاوضات.
يذكر أن برنامج “نتائج العام” أُطلق لأول مرة في مارس 2001 عبر الإنترنت، ثم أصبح يُبث تلفزيونيًا منذ ديسمبر 2001، ويُعد منصة سنوية لمناقشة القضايا الداخلية والخارجية، مع تطور تقني يسمح بمشاركة المواطنين من جميع الأقاليم، بما في ذلك المناطق النائية.
ماكرون: من الضروري استئناف الحوار مع بوتين في أقرب وقت
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن استئناف الحوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعد مفيدًا لأوروبا، داعيًا إلى إيجاد أرضية جديدة ملائمة لذلك خلال الأسابيع المقبلة.
وأوضح ماكرون، وفق وكالة فرانس برس، أن من مصلحة الأوروبيين والأوكرانيين التوصل إلى طريقة لاستئناف الحوار، مؤكدًا ضرورة إيجاد سبل وآليات تسمح خلال الأسابيع القادمة باستئناف حوار كامل مع روسيا، رغم التزام الاتحاد الأوروبي المستمر بدعم أوكرانيا ماليًا وعسكريًا.
وتأتي تصريحات ماكرون في سياق تغيير ظاهر في الموقف الفرنسي تجاه التسوية في أوكرانيا، إذ يواصل دعم كييف لكنه يسعى أيضًا لإيجاد قنوات للتفاوض مع روسيا، بما يعكس محاولة باريس التوفيق بين دعم أوكرانيا وإيجاد حلول دبلوماسية للنزاع.
يذكر أن أول مكالمة هاتفية بين بوتين وماكرون منذ ثلاث سنوات جرت في يوليو الماضي، وناقشا خلالها الوضع في أوكرانيا والتوترات بين إيران وإسرائيل والضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية.
The post بوتين: الكرة في ملعب كييف وداعميها.. ماكرون: من الضروري استئناف الحوار appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.
