يواصل المئات من حاملي شهادة الدكتوراه في تونس اعتصامهم المفتوح أمام مقر وزارة التعليم العالي منذ الأسبوع الماضي، مطالبين بتفعيل قرار ندبهم المباشر ورفضاً لما يسمونه “العقود الهشة” التي يعتبرونها استغلالاً مهنيًا للنخبة الجامعية.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن نحو سبعة آلاف باحث أكاديمي يعانون من البطالة في تونس، بعضهم تجاوزت فترة بطالته عشر سنوات، رغم وعود رئاسية سابقة بتوفير حلول جذرية للملف.
وبحسب وكالة سبوتنيك، دخلت الاحتجاجات مرحلة تصعيدية بعد تنفيذ وقفة احتجاجية أمام المسرح البلدي بالعاصمة، وصفها المحتجون بـ”الإنذار الأخير” للسلطات قبل اتخاذ إجراءات أشد، قد تصل إلى إضراب عن الطعام.
ويطالب المعتصمون بتشغيلهم فوراً في مؤسسات التعليم العالي والمخابر الوطنية، معتبرين أن العقود المؤقتة تشكل “استعباداً مهنياً” ويؤكدون أن الحكومة كانت قد تعهدت في وقت سابق بندب نحو خمسة آلاف منهم على دفعات، إلا أن التأجيل والمماطلة دفع بهم إلى هذا التصعيد.
وأكدت الدكتورة بية الصغاري، الباحثة في علم الآثار، أن الندب حق مشروع وليس منّة من الدولة، مشيرة إلى المعاناة الطويلة التي يعيشها الباحثون بسبب العقود المؤقتة وغياب الاعتراف بالشهادات العلمية العليا، لافتة إلى الفجوة بين الأساتذة المترسمين وزملائهم العرضيين من حيث الاستقرار المهني والأجور.
من جهته، أشار الدكتور عبد الله الحزقي إلى أن أزمة التمويل التي تبررها السلطات غير دقيقة، مشيراً إلى أن جزءاً كبيراً من الميزانية يذهب إلى الساعات الإضافية والعقود المؤقتة للأساتذة القارين، وأن تسوية ملف حاملي الدكتوراه لا تحتاج سوى نصف هذه الميزانية.
وأوضح أن الوزارة أطلقت منصة إلكترونية لتسجيل الباحثين المعطلين لكنها لم تفصح عن الأرقام النهائية، مما يزيد من تعقيد الأزمة ويضاعف فقدان الثقة.
ويثير ملف التوظيف جدلاً واسعاً حول آلية المناظرات الجديدة، حيث يعتبر الباحثون أن هذه العملية تفتقر إلى الشفافية وتكافؤ الفرص، في حين تؤكد وزارة التعليم العالي أنها تهدف إلى ضمان جودة التعليم الجامعي.
ويرى الباحث الدكتور ماهر السيحي أن إجراء مناظرة جديدة غير عادل، مستشهداً بممارسات سابقة تضمنت إخلالات كبيرة في الإعلان عن النتائج وتأخرها لعدة أشهر.
ويحذر المعتصمون من أن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى هجرة جماعية للكفاءات نحو الخارج، في وقت تحتاج فيه تونس إلى خبراتهم في البحث العلمي والتعليم الجامعي، خاصة مع التحديات التنموية والاقتصادية الكبيرة التي تواجه البلاد.
وتأتي هذه التحركات في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، إذ بلغت نسبة البطالة 16.9% في الربع الثاني من 2025، مع تجاوز معدل البطالة بين حاملي الشهادات العليا 24%، مما يسلط الضوء على تفاقم أزمة سوق الشغل أمام الكفاءات الوطنية.
The post تونس تواجه أزمة حاملي «شهادة الدكتوراه».. اعتصامات مفتوحة وتهديد بالهجرة الجماعية للكفاءات appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.