حميدتي، لم يسبق له الانتماء إلى المؤسسة العسكرية، قام بتشكيل تنظيم مسلح، منحه عمر البشير رتبة فريق أول، لقيادة قوة اسماها الدعم السريع، ومع مرور الوقت تحالف مع البرهان للإطاحة بالبشير وكأنه نوع من رد الجميل، واليوم يريد أن يُسقط قائد الجيش لأن البرهان تلكأ في ضم التنظيم إلى الجيش ليكون هو الرئيس الفعلي للبلاد.
ساهم بقواته ضمن التحالف العربي في حرب اليمن، لقد اكتسبت قواته بعض الخبرة وبالتأكيد أغدقت عليه السعودية والإمارات الأموال، ما جعله يجلب مختلف أنواع الأسلحة ربما تفوق تلك التي يملكها الجيش الوطني، كما أن منتسبيه قد جاوز 40 ألفا حسب بعض المصادر.
يسعى إلى إظهار نفسه على أنه يرغب في تسليم السلطة إلى المدنيين، ولكنه حقيقة يرغب في إضفاء صفة الشرعية على قواته يستطيع التحرك بأريحية لتحقيق مآربه في الاستيلاء على السلطة.
البلاد التي ابتليت بما اسموه الربيع العربي وكانت العراق السباقة إلى ذلك، أنظمة الحكم بها حاولت استحداث قوة موازية للجيش النظامي، يغلب عليها الطابع القبلي أو المذهبي تأتمر بأوامرهم وتكون ذراعهم المسلحة في بسط نفوذهم على البلاد، ومن ثم الاستحواذ على المقدرات الوطنية، بينما يتم تهميش الجيش الوطني ومحاولة تسريح منتسبيه ليكونوا القوة الفاعلة في البلاد.
للأسف الشديد هذا ما حدث في العراق من خلال تسريح الجيش الوطني من قبل بريمر الحاكم الأمريكي للعراق، ومن ثم تم تشكيل مجاميع مسلحة تحت اسماء مختلفة، وتوفر لها السلطة مختلف أنواع الأسلحة والعتاد وأسبغت عليها الشرعية، بينما الجيش الوطني لم يعد له أي دور يذكر، لا يختلف عنه الحال في ليبيا، فلقد تم إنشاء ما يربو على المائة فصيل مسلح تم إغراء الشباب العاطلين عن العمل بالمال ليكون هؤلاء وقودا لحروب الزعماء، وبمؤازرة المجتمع الدولي أصبح زعماءها معترف بهم من قبل الدول الكبرى ويستقبلون السفراء الأجانب ويغدقون عليهم الأموال، لقد أصبح لدينا أكثر من (حميدتي)، أنه مخطط استعماري يتم تنفيذه بأيد محلية لا تمت إلى الوطن بصلة، تهميش المؤسسة العسكرية والأمنية يفقد الدولة قدرتها على حماية حدودها والحد من المؤامرات التي تحيكها القوى الأجنبية.
تغول الميلشيات في كل من العراق وليبيا واليمن، أفقدها السيطرة على مقدراتها والاستفادة منها، بل أصبحت الأداة التي يتم من خلالها إهدار المال العام وتغييب القانون، ليعم الفساد مختلف قطاعات الدولة، والنتيجة تردي الخدمات العامة، وارتفاع الأسعار وإثقال كاهل المواطن الذي لم يعد قادرا على الإيفاء بالمتطلبات الأساسية للعيش.
قد تسعى القوى الأجنبية المستفيدة من الوضع الراهن في السودان إلى حل الأزمة العابرة، ولكن ضم الميليشيات إلى الجيش الوطني سيضعف قوته ويساهم في تغولها وتكون لها الكلمة الفصل، وبالتالي فإن الدولة القطرية تكون في مهب الريح، وتكون الغلبة للميليشيات الجهوية، وقد تكون النواة لاستحداث كيانات سياسية وفق الرؤى الغربية ضمن سياسة فرّق تسد، أما جامعتنا العربية فهي تعكس حال دولنا المبعثرة، وربما هي أيضا ترغب في أن يُكثر أعضاءها لتضاهي المنظمات الإقليمية.
نتمنى السلامة للشعب السوداني الذي تم اقتطاع جزء منه بفعل القوى الخارجية.
The post حميدتي.. عندما تتغول الميليشيات appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.