مأساة مشتعلة منذ ستة أيام لا تجد من يطفئها، والنار تلتهم الأخضر واليابس بينما تبقى قلوب السوريين مشدودة نحو الريف الشمالي حيث يتصاعد الدخان وتتساقط الأشجار والذكريات.
وكشف محافظ اللاذقية، محمد عثمان، أن مساحة الحرائق المشتعلة في غابات المحافظة منذ نحو أسبوع فاقت 14 ألف هكتار، في واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية التي يشهدها الساحل السوري منذ سنوات.
نار لا تهدأ… وألسنة لهب تقترب من البيوت
اندلعت الشرارة الأولى في الثالث من يوليو الجاري، قبل أن تمتد كالنار في الهشيم، حرفيًا، من أعالي الغابات نحو المناطق السكنية في ريف اللاذقية الشمالي، ما دفع المئات من العائلات إلى ترك منازلهم والنزوح نحو القرى المجاورة، وسط مشاهد مؤلمة لنساء يحملن أطفالًا وشيوخ يغادرون أرضًا عاشوا فيها عمرًا كاملاً.
ورغم الجهود الجبارة لفرق الإطفاء المحلية، إلا أن الطبيعة الجغرافية للمنطقة وصعوبة الوصول إلى بؤر النيران، زادت من تعقيد المهمة، ما استدعى تدخلًا إقليميًا عاجلًا. حيث شاركت فرق إطفاء وحوامات من تركيا والأردن ولبنان وقبرص في محاولة تطويق النيران ومنع تمددها إلى مناطق أكثر كثافة سكانية.
شائعات واتهامات… والداخلية السورية تنفي
مع اتساع رقعة الحريق وتزامنه مع توترات داخلية، انتشرت شائعات عن “أيادٍ خفية” تقف وراء افتعال هذه الحرائق. لكن وزير الداخلية، أنس خطاب، حسم الموقف قائلًا: “لا دليل حتى الآن على أن الحرائق مفتعلة، وفرق التحقيق تعمل على الأرض بشكل متواصل لرصد أي مؤشرات جنائية”.
الجانب الإنساني… خيام وأمل تحت الدخان
في مشهد إنساني موازٍ للمأساة، أعلنت مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل عن توزيع أكثر من 1000 سلة غذائية وبطانيات ومواد إغاثية للعائلات المنكوبة، من ضمن مساعدات مقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
كما بدأت الجمعيات الأهلية والمتطوعون بنقل كبار السن والمرضى من المناطق المتضررة، وإنشاء مراكز مؤقتة للإيواء الطارئ في المدارس والمباني العامة.
أوروبا تراقب وتعرض المساعدة
في موقف لافت، أعلن القائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي لدى سوريا، ميخائيل أونماخت، استعداد الاتحاد الأوروبي لدعم جهود الإطفاء والإنقاذ في الساحل السوري، مؤكدًا في تغريدة له أن بعثات الاتحاد ناقشت مع وزارة الخارجية السورية سبل تعزيز التعاون الإغاثي لمواجهة الكارثة البيئية والإنسانية.
رسالة من الأرض المحترقة
في الريف الشمالي للاذقية، لا تزال الحرائق مشتعلة، والقلوب محترقة معها. مزارعون فقدوا أراضيهم، وأطفال فقدوا مدراسهم، وحيوات بأكملها تغيرت في لحظات. المشهد يختصره أحد النازحين بقوله: “هربنا من النار، لكن تركنا ورائنا كل شيء… أرضي، بيتي، زيتوني الذي زرعته منذ عشرين سنة… كله صار رماد”.
الكارثة لا تزال قائمة، والمأساة تتجاوز الدخان الذي يغلف السماء… إنها أزمة وطن يحتاج إلى كل دعم، إنسانيًا وبيئيًا.
The post سوريا تحترق… كارثة بيئية وإنسانية تلتهم غابات اللاذقية وتدفع آلاف العائلات إلى النزوح appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.