في ركنٍ بعيدٍ من هذه البلاد، هناك مدينة تشبه القصص… اسمها غدامس.
لا يُمكنك أن تمشي في أزقتها دون أن تشعر أن التاريخ نفسه يمشي بجانبك.
غدامس ليست فقط بيوتًا بيضاء مطلية بالجير، ولا مآذن صامتة في هدوء الصحراء، بل هي حكاية عن الكرامة، وعن مدينة رفضت أن تكون غير ليبية، حتى في أحلك الظروف.
بعد الحرب العالمية الثانية، لما سقطت إيطاليا، وتقاسم الحلفاء الأرض الليبية كما تُقسم الغنائم، جاءت فرنسا تحمل أطماعها في الجنوب، أرادت أن تجعل من غدامس بوابةً لها نحو إفريقيا، أن تضمها إلى مستعمراتها في الجزائر، أن تمحوها من الذاكرة الليبية، وتلحقها بخريطة لم تكن يومًا تنتمي لها.
لكن غدامس… لم تُطأطئ.
غدامس رفضت بصمتها
لم يكن في المدينة جيش، ولا دبابات، ولا خطب نارية… كان فيها رجال ونساء يعرفون تمامًا من هم، ويعرفون إلى من ينتمون. كانوا يقولونها ببساطة: “نحن من فزان… وفزان من ليبيا”.
فرنسا حاولت أن تعزل غدامس، لكن أهلها ظلّوا على تواصل مع سبها وغات ومرزق. لم تنقطع الروح. ولم تتبدد الهوية.
عندما وقف العالم يُقرّر مصيرنا
في اجتماعات الأمم المتحدة التي ناقشت مستقبل ليبيا، حاولت فرنسا أن تبقي فزان (بما فيها غدامس) خارج ليبيا الجديدة.
لكن الصوت الليبي كان واضحًا. رفضنا. بصوت واحد. وبقلب واحد.
وفي لحظة الاستقلال سنة 1951، كانت غدامس هناك، حاضرة كما كانت دائمًا.
رجعت رسميًا… لكنها ما غابت يومًا عن روح الوطن.
غدامس… أكثر من مدينة
غدامس لم تكن مجرد نقطة على خريطة. كانت رمزًا… كانت حارسًا لهوية جنوبنا، ومرآة لكرامة ناسنا.
وفي زمن تعصف فيه الذاكرة، من واجبنا أن نرجع لهذه القصة، لا لنحزن، بل لنفخر.
غدامس لم تُكسر… لأنها ببساطة أقوى من كل احتلال.
غدامس بقيت… لأن الليبيين، حين يُختبرون، لا ينسون من هم.
The post غدامس.. المدينة التي لم تُكسر appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.