يعمل مستشارو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على صياغة رسالة اقتصادية جديدة تهدف إلى تهدئة المخاوف الشعبية بشأن تباطؤ نمو الوظائف، عبر التركيز على التحسن المتوقع للبيانات الاقتصادية في المستقبل القريب. وبحسب مصادر متعددة، تسعى هذه الرسالة إلى تحويل التركيز من الأرقام الاقتصادية الحالية المتقلبة إلى توقعات إيجابية للعام المقبل، تحت شعار “انتظروا حتى 2026″، مؤكدة أن المؤشرات الاقتصادية ستبدأ بالتحسن في الربع الأول من عام 2026.
وأفادت صحيفة وول ستريت جورنال، التي اطلع عليها موقع اقتصاد سكاي نيوز عربية، أن الرئيس ترامب بدأ فعليًا اتباع نصائح معاونيه، حيث أصبح يركز الآن على قضايا الهجرة والجريمة والمواجهات السياسية مع خصومه، أكثر من التركيز على الاقتصاد، وعندما يتحدث عن الاقتصاد، يميل ترامب إلى إبراز أداء سوق الأسهم التي تسجل ارتفاعات لافتة، مشيرًا إلى أن ثمار سياساته ستظهر على أرض الواقع العام المقبل.
وفي فعالية مخصصة لموضوع التوحد، تجاهل ترامب أسئلة الصحفيين حول الاقتصاد قائلاً: “أفضل ألا أتحدث عن بعض الهراء بشأن الاقتصاد. سأقول هذا فقط: الاقتصاد في حالة مذهلة”.
ويمثل هذا الموقف تحولًا عن خطاب ترامب المبكر في الرئاسة، حين كان يجعل الاقتصاد محورًا أساسيًا في خطاباته وحملاته السياسية، وتُظهر الإجراءات الاقتصادية المبكرة التي اتخذها ترامب، وفق وول ستريت جورنال، أنها كانت من بين الأكثر تأثيرًا على الاقتصاد منذ عقود، شملت فرض رسوم جمركية واسعة النطاق على الواردات، وتقييد الهجرة، وإجبار الشركات على إبرام صفقات مع إدارته.
ورغم أن هذه الإجراءات لم تحدث “عصرًا ذهبيًا” كما توقع ترامب، إلا أنه يستمر في التباهي ببعض المؤشرات الإيجابية، مثل ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي 3.8% في الربع الثاني، مع توقع نمو مماثل في الربع الثالث.
وعلى الرغم من هذه البيانات، تباطأ نمو الوظائف في أغسطس 2025، مع إضافة الاقتصاد 22 ألف وظيفة فقط، بينما لا يزال التضخم مرتفعًا ويثقل كاهل المستهلكين، مع ارتفاع أسعار السلع والمنازل بشكل كبير في جميع أنحاء البلاد.
ويتعرض ترامب وحزبه لضغوط كبيرة مع اقتراب الانتخابات النصفية لعام 2026، إذ أظهرت استطلاعات حديثة، وفق وول ستريت جورنال ووكالات أخرى، أن 37% فقط من البالغين وافقوا على تعامل ترامب مع الاقتصاد، بينما عارضه 62%، كما أظهرت نيويورك تايمز أن 45% من الناخبين يرون أن ترامب ساهم في تدهور الاقتصاد، مقابل 32% يعتقدون أنه حسّنه.
ويقول اقتصاديون مستقلون إن سياسات ترامب، خاصة المتعلقة بالهجرة والرسوم الجمركية، قد تؤثر سلبًا على النمو على المدى القصير، لكن من المتوقع أن يتحسن الاقتصاد الأمريكي في 2026 مع تلاشي حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية وخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
ويشير الخبير المصرفي بهيج الخطيب لقناة سكاي نيوز، إلى أن هذا التحول في الخطاب يحمل دلالتين رئيسيتين: تهدئة المخاوف بين المستثمرين والمستهلكين وخلق أرضية نفسية لاستقرار الأسواق أثناء انتظار نتائج السياسات الاقتصادية طويلة الأمد.
ويعتبر الخطيب أن هذه الاستراتيجية نموذج حديث لكيفية استخدام الإدارة الأمريكية للخطاب السياسي كأداة اقتصادية، حيث تصبح التوقعات المستقبلية جزءًا من إدارة المخاطر في الأسواق.
ومع ذلك، يحذر الخطيب من أن أي تأخير في تنفيذ السياسات التحفيزية أو خفض أسعار الفائدة قد يزيد حالة عدم اليقين ويؤدي إلى تباطؤ إضافي في نمو الوظائف وارتفاع العبء المالي على الأسر.
ويرى المحلل الاقتصادي جوزف زغبي أن الوضع الاقتصادي المرتبط بالوظائف والتضخم سيكون عاملاً حاسمًا قبل الانتخابات النصفية لعام 2026، حيث أن أي شعور بعدم تحسن ملموس في مستوى المعيشة قد يضعف قاعدة الناخبين الجمهوريين ويعطي الديمقراطيين فرصة لاستغلال التراجع الاقتصادي في الحملات الانتخابية.
ويضيف زغبي أن التأخير في تحقيق وعود ترامب الاقتصادية يعود إلى طبيعة السياسات طويلة الأمد، التي تراهن على بناء قاعدة إنتاجية جديدة بدلاً من الاعتماد على دورات الاستهلاك قصيرة المدى، مع تأثير الرسوم الجمركية والقيود التجارية على إعادة هيكلة الإنتاج والاستثمار.
The post قبل الانتخابات النصفية.. ترامب يراهن على 2026 لتغيير الصورة الاقتصادية appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.
