في أكثر من مناسبة، أعلن المبعوث الأممي إلى ليبيا السيد عبدالله باتيلي، أن هناك بدائل للمضي نحو وضع قاعدة دستورية للانتخابات المقبلة، إذا لم تنجز عن طريق توافق مجلسي النواب والدولة. البديل العملي الأقرب للتطبيق هو ملتقى يجمع ممثلون عن الطيف السياسي والاجتماعي والعسكري، على غرار ملتقى تونس جنيف قبل عامين.
بدائل باتيلي وضعت مجلس النواب وحليفه المصري، تحت ضغط وضع نهاية للوساطة المصرية في الملف الليبي، وعودته للبعثة الأممية، لذا سارع رئيس مجلس النواب بإصدار تعديلا دستوريا مثيرا للجدل، وافق عليه مجلس الدولة وسط اعتراضات 54 عضوا، فضلا عن وقوع مخالفات قانونية في الجلسة ليزيد الجدل، لم يعالج التعديل معضلة شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، مكتفيا بترحيلها إلى لجنة تشكل من المجلسين.
المبعوث الأممي أشار إلى قبول التعديل الدستوري الثالث عشر، وشجع المجلسين على السير في طريق التوافق من خلال لجنة 6+6، مؤملا أن يكتمل عملها قبل منتصف يونيو المقبل، وهى مدة ليست بالقصيرة إذا كانت البعثة تنشد فعلا إجراء الانتخابات نهاية هذا العام، ويبدو أن باتيلي أدرك أن الزمن الممنوح للمجلسين سيطول، من دون أي ضمانات في تحقيق أي تقدم، بالنظر إلى اخفاقاتهما السابقة، وعدم وجود إرادة حقيقية لديهما لمغادرة المشهد بسلام، إذ قال في آخر تصريحاته أن اللجنة التوجيهية التي ستشكلها البعثة سيكون عملها موازيا لعمل لجنة6+6، مايعني أنه لن يبق أكثر من شهرين في حالة انتظار، وإذا ما أنجزت لجنة النواب والدولة القوانين، تكون مهمة اللجنة التوجيهية مكملة لما تم إنجازه.
هذا التغير في موقف باتيلي مرده إلى التجاوب الذي لمسه لدى القيادات العسكرية الأمنية، والتقدم النسبي الذي تحقق بعد ثلاث اجتماعات متتالية، والرابع على الطريق، تعهد فيها المجتمعون على دعم الانتخابات وتأمينها.
ولكن مع كل هذا التقدم البطئ في مسارات الحل السياسية والعسكرية، فإن التتويج بإجراء الانتخابات خلال هذا العام مايزال حلما بعيد المنال، بسبب العقبة نفسها التي عطلتها في 24 ديسمبر 2021 وماتزال.
فمحاولة بعض القوى الدولية مع حلفائهم المحليين، تفصيل الانتخابات لإقصاء بعض الشخصيات ودعم أخرى، وتجاهل الرفض الشعبي لهذه الشخصيات، التي توصف بالجدلية، يهدد بنسف الانتخابات مرة أخري، فإما أن تكون انتخابات حقيقية، بكل الشروط المتعارف عليها، وإلا فإنها لن تجرى.
إن البحث عن حلول مثالية في ظل الأوضاع السائدة غير معقول بالطبع، وبالمنطق نفسه، فإن تمهيد الطريق لقادة عصابات إجرامية مسلحة، بسجل طافح بأفظع الجرائم، هو أيضا غير معقول، فالمتاح والممكن حاليا هو الانتخابات البرلمانية، وهي وحدها كفيلة بمعالجة الانسداد السياسي، وحل أغلب معضلات العملية الانتخابية، فلا توجد خلافات حول الانتخابات البرلمانية، ولا معوقات أو معضلات أو شروط ترشح يمكن أن تعطلها، ومن ثم فشروط نجاحها متوفرة، وبها تتجدد الشرعية، وتشكل حكومة قوية بصلاحيات كاملة، وبالشرعية القوية التي يمتلكها يمكن لمجلس نواب منتخب أن يعالج ملف الدستور، والمصالحة الوطنية، والوجود الأجنبي، في وقت وجيز، سيخصص للنظر في هذه الملفات لا في المناكفات والصراع من أجل الاستمرار في السلطة. البديل الذي ينبغي للبعثة الأممية والقوى الدولية اعتماده، هو إجراء انتخابات نيابية فقط في المرحلة الراهنة، بدلا من إضاعة الوقت في جدل الانتخابات الرئاسية، التي قد تفجر الأوضاع من جديد، وتعمق الانقسام، لأن الأطراف الخاسرة لن تقبل نتائجها.
The post المبعوث الأممي والخيارات البديلة appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.