الباروني لـ«عين ليبيا»: الحداد جسر بين الشرق والغرب وشخصية محورية بتثبيت الهدن

0
19

ترك خبر وفاة المشير محمد الحداد صدمة كبيرة في المشهد العسكري والسياسي الليبي، حيث فقدت البلاد شخصية محورية لعبت دورًا جوهريًا في تثبيت الهدن العسكرية وتسهيل الحوار بين الأطراف المتصارعة، وفق ما قال خبير العلاقات الدولية إلياس الباروني لشبكة عين ليبيا.

وأضاف الباروني أن الحداد ترك إرثًا من الجهود الأمنية والعسكرية التي ساهمت في دعم المصالحة الوطنية وتوحيد المؤسسة العسكرية، رغم التحديات البنيوية العميقة التي يواجهها المشهد الليبي منذ 2011.

وأوضح الباروني أن المشير محمد الحداد كان شخصية مركزية في المشهد العسكري خلال السنوات الماضية، خصوصًا منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، حيث شغل منصب رئيس الأركان العامة للجهاز العسكري في الحكومة المعترف بها دوليًا، كما كان رئيسًا للجنة العسكرية المشتركة (5+5) التي تشرف على تنفيذ وقف إطلاق النار وترتيبات أمنية أخرى.

وأكد الباروني لشبكة عين ليبيا أن دوره يُقيَّم إيجابيًا نسبيًا لأنه حاول أن يكون صوت الوسط والاعتدال بين الأطراف المتصارعة، وكانت له مبادرات للتقريب بين الفرقاء ودفع عملية توحيد المؤسسة العسكرية — وهي واحدة من أكبر التحديات التي تواجه ليبيا منذ 2011.

وأضاف الباروني أن تأثيره كان محفوفًا بصعوبات بنيوية في بيئة سياسية وعسكرية معقدة، مشيرًا إلى أن الاتفاقات التي أشرفت عليها اللجنة لم تنفذ بشكل كامل، والواقع الميداني ظل هشًا.

وقال الباروني لشبكة عين ليبيا إن إدارة الحداد للأزمة ساهمت في الحد من اندلاع مواجهات واسعة بصورة مباشرة في فترات معينة، عبر تثبيت بعض خطوط التماس والضغط لإنهاء التصعيد في مناطق مثل سرت والجفرة.

وأضاف أن دوره كان واضحًا في اجتماعات اللجنة العسكرية 5+5 التي جمعت ممثلين عن الشرق والغرب، لكنه أشار إلى أن التصعيد لم يتوقف كليًا، فقد ظل الانتهاك الأمني والانتشار المسلح هشًا، مما يظهر حدود قدرة اللجنة على التأثير الكامل في كل مناطق النزاع.

وأوضح الباروني لشبكة عين ليبيا أن الحداد لم يكن فاعلًا سياسيًا بقدر ما كان يُنظر إليه كجسر بين أطياف عسكرية مختلفة، وأن دعمه للمصالحة كان عبر إطار المؤسسات العسكرية وليس من خلال مبادرات سياسية مباشرة، حيث شجع على التنسيق الأمني بين الجهات المختلفة، وحاول أن يكون طرفًا وسيطًا في القضايا العسكرية المؤثرة على العملية السياسية.

وأضاف الباروني أن غياب عملية سياسية جامعة ومستقرة بجانب ضعف تنفيذ الالتزامات الميدانية حد من إمكاناته في تحويل جهوده العسكرية إلى مكاسب مصالحة وطنية أوسع.

وقال الباروني إن الحداد كان له دور تنفيذي في متابعة تنفيذ بنود وقف إطلاق النار، وفي الاجتماعات المشتركة بين طرفي النزاع عبر لجنة 5+5، وساهم في إعادة تفعيلها ومتابعة تثبيت الهدنة.

وأضاف أن اللجنة واجهت صعوبات هيكلية في إكمال تنفيذ البنود، وبرزت إشكاليات في إزالة أدوات التصعيد ونزع السلاح من الفصائل، وهو ما يعكس حدود القدرة العملية لتلك الاتفاقات خارج الأطر الرسمية.

وأشار الباروني لشبكة عين ليبيا إلى أن مبادرات الحداد اتسمت بقدر من المرونة العسكرية والتنسيقية، وظهرت محاولاته للتواصل مع مختلف الجهات العسكرية، وكانت المبادرات تقنية أكثر منها سياسية، وهو أمر متوقع في منصبه العسكري.

وأوضح أن الثقة بين الأطراف كانت محدودة بسبب تاريخ طويل من الخلافات والمنافسات، وبالتالي لم تكن مبادراته كافية لكسب ثقة كل الفاعلين بالكامل.

وقال الباروني لشبكة عين ليبيا إن الحداد تفاعل بفعالية مع مهام اللجنة، وعقد اجتماعات متعددة لتقييم الوضع الأمني وإعادة ضبط الترتيبات المشتركة، بما في ذلك على خطوط التماس وفي الجنوب، وأضاف أن هذا الدعم كان جوهريًا في إبقاء اللجنة نشطة رغم التحديات، لكنه لم يكن كافيًا لتعزيز تنفيذ كل الاتفاقات بصورة كاملة على الأرض.

وأكد الباروني أن موقع الحداد كرئيس للأركان ورئيس لجنة 5+5 كان مهمًا في خلق منصة حوار عسكري بين الشرق والغرب، لكنه لم يكن الوسيط السياسي المركزي بين الأطراف المتنازعة، بل لعب دورًا في تسهيل حوار فني وعسكري.

وقال الباروني إن توحيد المؤسسة العسكرية هو أضخم تحدٍ في ليبيا بعد 2011، وقد بذل الحداد جهودًا ضمن اللجنة لإعادة تنسيق وتوحيد الأطر العسكرية المختلفة، لكن الانقسامات البنيوية في الجهاز العسكري كانت أعمق من مجرد ترتيبات تشغيلية، بما في ذلك وجود كيانات غير نظامية وعناصر مسلحة خارج إطار الدولة، ما جعل الوحدة الفعلية على الأرض صعبة.

وأكد أن جهود الحداد في هذا المجال كانت مرتبطة بإطار العمل الأمني المشترك وترتيبات وقف إطلاق النار، لكن الإصلاح والتأهيل الشامل يتطلب وقتًا وهيكلة مؤسساتية تتجاوز نطاق عمل لجنة 5+5.

قال إن الحداد واجه تحديات كبيرة مثل استمرار الانقسامات بين القوى العسكرية السياسية، ضعف القدرات التنفيذية على الأرض رغم الاتفاقات، وتأثير القوى الأجنبية والمرتزقة على المشهد الأمني.

وأضاف أن الحداد تعامل مع هذه التحديات بمحاولة استدامة الحوار والتنسيق العسكري، لكن أثرها الهيكلي تجاوز جهوده الشخصية.

وأوضح أن وفاة الحداد في حادثة طائرة تمثل صدمة كبرى للمشهد الليبي، لأنها تضعف أحد أبرز العناصر التي حاولت تأسيس مساحات توافق بين القوات، وأضاف أن جهات دولية ودبلوماسية وصفت هذا الحدث بأنه خسارة كبيرة لمسار بناء السلام والأمن في ليبيا.

وأشار إلى أن رحيله قد يؤدي إلى تباطؤ جهود لجنة 5+5 وتوحيد المؤسسة العسكرية، خاصة إذا لم يتم تعيين قائد بديهي قادر على مواصلة المسار ذاته بنفس الثقة والقدرة على التنسيق.

وقال إن لضمان استمرار مشاريع الحداد، يجب على القيادة الحالية تعيين قيادة جديدة تحظى بثقة الأطراف كافة لتجنب فراغ سياسي–عسكري يعيد المشهد إلى الانقسام، ودعم اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 وتزويدها بصلاحيات تنفيذية أوسع، وتعزيز دعم المجتمع الدولي بآليات مراقبة والتزام بتنفيذ الاتفاقات، والتركيز على إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وفق معايير مهنية واضحة مع تدرج في دمج القوات المسلحة المحلية، وربط المسار العسكري بالمسار السياسي الشامل عبر دعم الحوار الوطني والمشاركة المدنية لمأسسة السلام.

وقال الباروني الحداد كان شخصية محورية في الجهود الأمنية والعسكرية خلال السنوات الماضية، وأسهم بشكل ملموس في تثبيت بعض الهدن وتسهيل الحوار العسكري، وأضاف أن حدود تأثيره كانت واضحة نتيجة عوامل بنيوية عميقة في المشهد الليبي، وإن رحيله يمثل اختبارًا حقيقيًا لاستدامة المسار الأمني الذي ساهم فيه.

The post الباروني لـ«عين ليبيا»: الحداد جسر بين الشرق والغرب وشخصية محورية بتثبيت الهدن appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.