السودان في مواجهة كارثتين.. المجاعة تتوسع والجنائية الدولية تتحرك لملاحقة «البشير»

0
14

في تحرك جديد يُعيد قضية دارفور إلى واجهة الاهتمام الدولي، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية عزمها اتخاذ خطوات جادة لتنفيذ أوامر اعتقال الرئيس السوداني السابق عمر البشير، إلى جانب اثنين من أبرز المسؤولين السابقين، هما أحمد هارون وعبد الرحيم محمد حسين، المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال النزاع الدموي في إقليم دارفور.

وخلال إحاطة رسمية أمام مجلس الأمن الدولي، أكدت نزهت شميم خان، نائبة المدعي العام للمحكمة، أن مكتبها يخطط للقيام بزيارة جديدة إلى السودان خلال الفترة المقبلة، مركّزًا على تنفيذ أوامر القبض الصادرة منذ سنوات.

وشددت على أن المطلوبين ما زالوا داخل الأراضي السودانية، وأن المحكمة لن تتراجع عن مساعيها لتطبيق العدالة.

وأضافت خان: “سنعمل بكل ما في وسعنا لضمان ألا يفلت أي شخص متورط من العقاب، بما في ذلك عمر البشير وبقية المسؤولين السابقين”، داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته الأخلاقية والقانونية في دعم جهود المحكمة.

وفي كلمات مؤثرة، وصفت خان الوضع في دارفور بأنه “بلغ مرحلة يصعب فيها إيجاد الكلمات المناسبة لوصف عمق المعاناة”، مشيرة إلى أن مكتب المدعي العام توصّل إلى استنتاجات موثقة تؤكد استمرار ارتكاب جرائم خطيرة، استنادًا إلى أنشطة ميدانية واسعة شملت جمع شهادات وأدلة وثائقية ورقمية.

وأكدت أن الجرائم في دارفور لم تتوقف، بل تتصاعد في ظل النزاع الحالي، في إشارة إلى التطورات الأخيرة التي تشهدها ولاية شمال دارفور، حيث تهاجم قوات الدعم السريع ومجموعات موالية لها مدينة الفاشر ومخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين، ما يفاقم الأزمة الإنسانية في الإقليم.

واعتبرت نائبة المدعي العام أن المجتمع الدولي يقف أمام لحظة فاصلة: “إما أن يتخذ موقفًا حازمًا لدعم العدالة وإنهاء الإفلات من العقاب، أو يساهم في ترسيخ ثقافة الإفلات لمرتكبي أفظع الجرائم”.

يُذكر أن المحكمة الجنائية الدولية كانت قد أصدرت مذكرات توقيف بحق البشير منذ عام 2009، ثم توالت لاحقًا أوامر اعتقال بحق عدد من المسؤولين السابقين على خلفية جرائم ارتكبت في دارفور، أدت إلى مقتل أكثر من 300 ألف شخص وتشريد الملايين.

مقتل 11 مدنياً بينهم أطفال في هجوم قوات الدعم السريع بشمال كردفان والخرطوم تطالب الجنائية الدولية بفتح تحقيق شامل

أعلنت “شبكة أطباء السودان” اليوم الأحد مقتل 11 شخصاً بينهم 3 أطفال، وإصابة 31 آخرين من بينهم 9 نساء، جراء هجوم شنته قوات الدعم السريع على منطقة شق النوم بولاية شمال كردفان. ووصف البيان الحادث بأنه “اعتداء خطير على المدنيين”، مع تسجيل حالات حرجة بين المصابين، تشمل نساء حوامل.

وأعربت الشبكة عن قلقها البالغ إزاء استمرار استهداف المدنيين في المناطق الآمنة، داعية المجتمع الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمات حقوق الإنسان لاتخاذ خطوات عاجلة لوقف الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين وفق القوانين الدولية.

في سياق متصل، طالب السودان المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق موسع يشمل دولاً وكيانات أجنبية تدعم قوات الدعم السريع عسكرياً ولوجستياً.

وأكد السفير السوداني لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس، أن هذا الدعم يسعى لإطالة أمد الحرب وتقويض سيادة الدولة، داعياً المجتمع الدولي لتقديم دعم مالي عاجل للمحكمة لاستكمال تحقيقاتها في جرائم دارفور.

كما أكدت منظمات دولية عودة أكثر من 1.5 مليون نازح وقرابة 200 ألف لاجئ إلى ديارهم في السودان بعد سيطرة الجيش على عدة ولايات، وسط استمرار تداعيات الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي أثرت بشدة على الأوضاع الإنسانية والخدمات الصحية.

اليونيسف تحذّر: خطر مجاعة يهدد ملايين الأطفال في السودان وسط ارتفاع هائل في معدلات سوء التغذية

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” من تصاعد خطير في معدلات سوء التغذية الحاد الوخيم في ولايات سودانية عدّة، أبرزها الخرطوم، الجزيرة، دارفور وشمال كردفان، مشيرة إلى أن بعض المناطق أصبحت تعيش ظروفًا إنسانية شبيهة بالمجاعة، ما يهدد حياة مئات الآلاف من الأطفال.

ووفق تقرير صدر عن المنظمة، شهدت نسب القبول للعلاج من “الهزال الشديد” — أخطر أشكال سوء التغذية — ارتفاعًا صادمًا بلغ 174% في الخرطوم، و683% في الجزيرة، و70% في شمال دارفور، بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.

وتشير الأرقام إلى إدخال أكثر من 40 ألف طفل للعلاج في ولاية شمال دارفور وحدها منذ بداية العام، وهو ضعف عدد الحالات المسجّلة خلال نفس الفترة من 2024.

المنظمة الأممية نبّهت إلى أن الوضع قد يتدهور أكثر مع دخول السودان ذروة موسم الجفاف، الممتد من يونيو حتى أكتوبر، وهي الفترة التي تنضب فيها مخزونات الغذاء لدى معظم الأسر بعد موسم الحصاد السنوي، وترافق ذلك مع انهيار الخدمات الصحية، وتفشي أوبئة مثل الكوليرا والحصبة، ما يزيد المخاطر على الأطفال الضعفاء أصلاً.

وأظهرت المسوحات الميدانية التي أُجريت في أبريل ومايو 2025 تجاوز معدلات سوء التغذية الحاد المستويات الحرجة التي حدّدتها منظمة الصحة العالمية في 9 من أصل 13 محلية في إقليم دارفور، وبلغت النسبة في محلية ياسين بشرق دارفور نحو 28%، وهي على بُعد نقطتين فقط من عتبة المجاعة الرسمية، التي تُحدد عند 30%.

وفي تعليقه على نتائج المسح، قال ممثل اليونيسف في السودان شيلدون ييت إن الأرقام “مرتفعة بشكل خطير”، وأضاف: “ستزداد سوءًا ما لم يُتخذ إجراء إنساني عاجل. حياة الأطفال تعتمد على ما إذا كان العالم سيختار التدخل أو سيغضّ الطرف”.

اليونيسف كشفت أيضًا عن نفاد مخزونات الأغذية العلاجية الجاهزة في مدينة الفاشر، ما أدى إلى تعثّر عمليات العلاج، في وقتٍ تتعرض فيه المدينة لهجمات متكررة وسط ظروف أمنية شديدة التدهور.

هذا ويُقدّر عدد السودانيين المحتاجين لمساعدات إنسانية هذا العام بـ 30.4 مليون شخص (64% من السكان)، وفق بيانات الأمم المتحدة، التي كانت تخطط لتقديم الدعم لنحو 21 مليونًا، قبل أن تقلّص العدد إلى 17.3 مليون بسبب نقص التمويل الحاد.

وفي هذا السياق، وجّهت “اليونيسف” نداءً عاجلًا للحصول على 200 مليون دولار إضافية لضمان استمرار خدمات التغذية الأساسية، بما يشمل علاج الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد وتوفير الأغذية العلاجية الجاهزة.

اليونيسف شددت على أن الاستجابة الإنسانية الحالية لا تواكب حجم الكارثة، داعية الدول المانحة والمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والإنسانية لدرء شبح المجاعة وإنقاذ حياة الأطفال.

وتأتي هذه التطورات وسط حرب مدمرة دخلت عامها الثاني بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تسببت في انهيار اقتصادي شامل، ونزوح أكثر من 10 ملايين شخص داخليًا، وتدمير مئات المرافق الصحية والتعليمية.

The post السودان في مواجهة كارثتين.. المجاعة تتوسع والجنائية الدولية تتحرك لملاحقة «البشير» appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.