ليبيا لن تنهض بميزانيات محشوّة بالأكاذيب

0
17

بينما تتدهور الأوضاع الاقتصادية في ليبيا يومًا بعد يوم، ويعيش المواطن ضيقًا خانقًا بسبب ارتفاع الدولار، وغياب السيولة، وغلاء الأسعار، خرج مجلس النواب عبر لجنته المالية بمقترح ميزانية لعام 2025 تفوق 160 مليار دينار ليبي، في مشهد لا يعبّر إلا عن انفصال كامل عن الواقع، واستمرار في العبث بمقدّرات الدولة.

الوثائق التي نشرتها صحيفة صدى الاقتصادية لم تكن مجرد أرقام، بل كانت بمثابة شهادة صادمة على حالة الانهيار المالي والإداري والأخلاقي التي تُدار بها الدولة الليبية.

بنود صادمة ومكرّسة للفساد

بند المرتبات: 64.3 مليار دينار، أي أكثر من 40% من الميزانية تذهب لأجور جهاز إداري ميت سريريًا، يُغذّي البطالة المقنّعة ويبتلع الدولة بلا مقابل إنتاجي.

الدعم: 54.6 مليار دينار، تُضخ دون إصلاح، وتتحول عمليًا إلى دعم غير مباشر للفساد، والتهريب، والسوق السوداء.

النفقات التسييرية: 13.9 مليار دينار، تُصرف على مكاتب وسفريات وامتيازات إدارية لا تنعكس بأي شكل على المواطن أو الخدمات.

التنمية: 27.5 مليار دينار، على الورق فقط، إذ لا وجود لمشاريع تنموية حقيقية، ولا لخطط وطنية تُنفذ، بل مجرد بنود لتمرير الصفقات والمقاولات الوهمية.

ميزانيات المؤسسات: امتيازات لمجالس بلا إنتاج

المؤسسة والمبلغ المخصص:

مجلس النواب والجهات التابعة له 1.9 مليار دينار

المجلس الأعلى للدولة 28 مليون دينار

المجلس الرئاسي 50.5 مليون دينار

ديوان المحاسبة 20 مليون دينار

هيئة الرقابة الإدارية 95 مليون دينار

مجلس التخطيط الوطني 11.5 مليون دينار

لجنة صياغة الدستور 12 مليون دينار

هذه الأرقام تعكس حالة التضخم السياسي والإداري لمؤسسات تستهلك المليارات، دون أن تُنتج أي حلول للأزمات، بل إنها أحد أبرز أسبابها.

الدولار يشتعل… والميزانية تصب البنزين على النار

في الوقت الذي يقترب فيه الدولار من 8 دينارات في السوق الموازي، تأتي هذه الميزانية لتُغرق السوق بطباعة عملة جديدة دون تغطية، مما سيُسرّع:

ارتفاع التضخم.

انهيار القوة الشرائية.

ازدياد معاناة المواطن في قوته ودوائه وتعليمه.

جريمة بحق الدولة والمواطن

لا يمكن النظر إلى هذه الميزانية إلا باعتبارها جريمة اقتصادية موصوفة تُرتكب بحق ليبيا، وتُجهز على ما تبقى من اقتصادها، وسط صمت مخيف من النخب، وخنوع من القوى السياسية.

إن تمرير هذه الميزانية يمثل:

انحيازًا للسلطة ضد الشعب.

تكريسًا لفشل الحوكمة.

إصرارًا على مواصلة الفساد المُمأسس.

كفى عبثًا… كفى نهبًا

لقد آن الأوان لوقف هذا النزيف. على الليبيين أن يرفضوا هذه الميزانية الكارثية، ويعلنوا بصوت واحد:
“لسنا عبيدًا لديون لا نعرف لمن تُصرف، ولا شركاء في فساد لا يُحاسَب أحد عليه.”

إننا نُحمّل المسؤولية كاملة لمجلس النواب، بوصفه الجهة التي تقترح وتُقر الميزانيات، في ظل انقسام سياسي، وحكومتين، وانعدام الشفافية.

ليبيا لن تنهض بميزانيات محشوّة بالأكاذيب، بل بخطط اقتصادية واقعية، ومحاسبة شفافة، وأولويات واضحة، والميزانية المقترحة لعام 2025 ليست سوى مسودة لانهيار الدولة وجعل الشعب الليبي يعيش في ما قبل القرون الوسطى.

The post ليبيا لن تنهض بميزانيات محشوّة بالأكاذيب appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.