تفصيل الانتماء

0
142

عندما ينتقد الصحفي أو الإعلامي المسؤولين أو الحكام في ليبيا والدول العربية، فهو لا يقصد التحريض غالبا، ولا يسعى لخلق فتنة؛ بل ينتج ذلك من الحب الدفين، الذي يحمله لوطنه والذي تنامى بداخله منذ الصغر، نتيجة تربيته داخل بيئة تعي القيمة الوطنية.

فهو هنا يريد الإصلاح، وأن يصل برأيه قدر المستطاع وبأي وسيلة للمسؤولين، وأن يؤخذ رأيه بعين الاعتبار، فسياسة الإقصاء لا تجدي نفعاً، ولا تحل أي قضية أو مشكلة؛ بل تنمي شعور الاضطهاد والغربة والعنف لدى هذا الشخص الذي ألقي القبض عليه بتلك التهم الواهية، ومع الأحداث المتسارعة في ليبيا، وكثرة الأخطاء التي أدت إلى تدهور الأوضاع على جميع المستويات، وأهمها: الأخلاقي، أصبح من اللازم أن يكون لرجل الشارع الليبي البسيط رأياً يؤخذ بعين الاعتبار، وأن لا ينظر له -كونه ناقد- على أنه عدو ومحرض أو إرهابي أو نحو ذلك.

فالمحرض معروف ويعرف من كلامه ولسانه، بينما الناقد أو المحلل السياسي ما هو إلا كاتب رأي، فمن المفترض أن يُستأنس برأيه، بدلاً من التهم التي توجه إليه، والتي تنمي فيه شعور الاضطهاد والظلم بعد إيداعه السجن بدون محاكمة وقتا طويلا، وقائمة الاغتيالات لمعارضي القذافي في أوروبا، كافية لتقص لنا الحكاية.

فالناقد أو الناشط الحقوقي أو المحلل السياسي أو الإعلامي والصحفي معاً، يمنون النفس بأن تخطوا ليبيا خطوة تؤدي إلى الانتقال من التدهور والتخبط إلى الأمان والحرية والرفاهية الاقتصادية، وهذا مطلب كل رجل عربي ينتمي لأي دولة كانت. والأخبار التي نسمعها، ودائماً ما تتردد على مسامعنا بأنه قد أُلقي القبض على فلان لأنه معارض أو محرض أو يخلق الفتن أو أنه إخواني وخلاف ذلك، فهم في الأصل ناقدون يريدون أن ينبهوا المسؤولين في الدولة عن الأخطاء، ويريدون تغيير السياسات التقليدية للوطن، والتي أدت به إلى هذا الحال الذي لا يسر ولا يرضي أحد، وهذا الآمر حصل معي، حيث وجهت لي عدة تهم، من بينها أني من ذاك التيار، بل ووصل الحال إلى اتهامي بأني من أفراد تنظيم الدولة، والكارثة أن من قام باتهامي تربطني بهم علاقات قرابة وصداقة ومعرفة قديمة.

نأسف على عقول تفكر بهكذا عقلية، في زمن تطور فيه سرعة وصول الخبر والصورة التي توصل إلى الحقيقة، فصّلوا لنا البِدَلْ، فنحن جاهزون لارتدائها كما تشاؤون، فليبيا تستحق أكثر من ذلك.

The post تفصيل الانتماء appeared first on عين ليبيا آخر أخبار ليبيا.